كيفية تكون ثقافة الطفل يعد الهدف العام لثقافة أي مجتمع هو تنظيم الحياة فيه وإبراز هويته، من خلال مجموعة من المكونات الثقافية، فلا يكتمل التعريف بثقافة الطفل كمفهوم من حيث المعنى والدلالة، دون أن نتعرف أيضاً على أبرز المضامين التي تميزها كحالة ثقافية خاصة، وتمثل جزءاً أساسياً من الثقافة العامة للمجتمع، ويمكن أن نوضح أهم مكونات لثقافة الطفل فيما يأتي:
أدوات خاصة يستخدمها الأطفال في ألعابهم: وهي تمثل أحد أبعاد ثقافتهم، مثل نوع الدمى التي يفضلها الأطفال، أو نوع الألعاب في الشارع والمدرسة ككرة القدم، فكل ألعاب الأطفال تحوي مصطلحات معينة أو قوانين وأنظمة، وكل هذا يعتبر من مكونات ثقافة الطفل. الشخصيات الخيالية أو الكرتونية الأسطورية: والتي يقلدها الأطفال ويعتبروها قدوة ومثلاً أعلى، كشخصية سندريللا لدى الإناث أو شخصية سوبرمان لدى الذكور، وهناك شخصيات أخرى يشبه الأطفال بعضهم بعضاً بها بدافع السخرية أو الذم، مثل: شخصية الشرشبيل أو القط الشرير توم. مصطلحات ومفردات لغوية خاصة: كالكلمات التي يعبر الطفل من خلالها عن حاجته للذهاب إلى الحمام أو تناول الطعام، كما يمكن أن تشمل هذه المصطلحات بعض الشتائم مثلاً أو الاستعارة في وصف أحدهم مدحاً أو ذماً. بعض الرموز الخاصة بالأطفال: قد ترتبط هذه المعاني والرموز بشخصيات بعض مواقف الحكايات أو الألعاب والبرامج التلفزيونية. أغاني خاصة بالأطفال: كأغاني شارات المسلسلات الكرتونية، أو بعض الأناشيد التي يتلقاها الأطفال في المدرسة. عادات الطعام: أنواع الأطعمة التي يفضلها الأطفال كالمثلجات أو البسكويت، كذلك أنواع أخرى عديدة من الأطعمة المغلفة، وهناك أيضاً نوع الشطائر التي يأخذها الطفل للمدرسة، ومن العادات أيضاً كيفية الجلوس على المائدة وطريقة تناول الطعام. طريقة معالجة بعض المشاكل والأمور: وقد لا نبالغ إذا قلنا إنه يوجد نظام ضبط اجتماعي متكامل في ثقافة الطفل، فالأطفال لديهم طرقهم الخاصة في المخاصمة والمصالحة وتحديد من هو على حق ومن هو مذنب في خلافاتهم. إشارات وأساليب التواصل المختلفة: تتضمن أيضاً طرق مناداة بعضهم بعضاً أو إرسال رسائل معينة لا يريدون للكبار فهمها؛ كبعض الألقاب أو الأسماء الحركية المستخدمة بين مجموعة من الأصدقاء لا يعرفها غيرهم. طريقة معينة للباس والموضة: كتقليد إحدى الشخصيات الكرتونية المحببة في طريقة ارتدائها للملابس أو احتفالها بالعيد، وهناك ألعاب معينة ترتبط بالعيد، مثل: المراجيح وساحات العيد وغيرها. طريقة الحصول على أصدقاء: كالذهاب مع الأقران في الرحلات التي تنظمها المدرسة، أو الحديث مع الأطفال من نفس السن عن الواجبات المدرسة. طريقة التعبير عن النفس: وذلك يتبع ما قد تعلمه من والديه، فبعض الأطفال يعبرون عن أنفسهم من خلال الغضب والعدوانية، أما البعض الآخر فيثبت وجوده من خلال تفوقه الدراسي، وهناك من يستخدم موهبة معينة كالحركات البهلوانية التي يجيدها. بعض القصص الشعبية أو الأمثلة: مثل غرفة الفئران في قبو المدرسة التي كثيراً ما يهدد المعلمون تلاميذهم بها.
أهمية ثقافة الطفل قلما تذكر الطفولة دون أن يرافق ذكرها معاني بهجة الحياة، واستمرار الوجود، وقلما تذكر الطفولة دون أن يرتبط ذكرها بالكثير من مفاهيم وأساليب التربية والتنشئة، ومن هنا يمكن لنا أن نتساءل كيف تساعدنا هذه الثقافة في تنشئة الطفل وما أهميتها التربوية والتعليمية بالنسبة له: ثقافة الطفل تساعد صغيرك على اكتساب هويته الاجتماعية، فمن خلالها يعرف بأنه منتمٍ لجماعة معينة يعيش معها، ويلتزم بأفكارها وقيمها، ويمارس دوره ووجوده الاجتماعي من خلالها. ثقافة الطفل من خلال العادات والقيم التي تتضمنها، والعلاقات التي تنظمها، تساهم في صقل ذلك الجانب الاجتماعي والثقافي في شخصية طفلك. عن طريق ثقافة الطفل يمكن غرس الثقافة العامة للمجتمع، من خلال دمج القيم والأفكار والعادات التي يرضى عنها المجتمع، مع الألعاب والحكايات أو الأساطير المحببة للأطفال، فعند توجيهنا للأطفال حكاية تروي قصة بطل أسطوري عظيم مثلاً يمكن إظهار هذا البطل الذي سيقتدي به الطفل على أنه يتمتع ببعض الصفات والخصال الحميدة التي يريد المجتمع غرسها في شخصيات أطفاله. تساعد ثقافة الطفل في تعليمه اللغة، فالأطفال عن طريق قراءة القصص أو مشاهدة البرامج التلفزيونية يرون ويسمعون ويرددون المصطلحات والمفردات التي تعبر عن المواقف المختلفة، وبالتالي يتعرفون على لغتهم وكيفية استخدامها للتعبير عما يريدون قوله. تساعد في زيادة خبراته وتوسيع معارفه، فعن طريق الألعاب التي تحوي تجارب لا متناهية وقصص أطفال وحكايات كثيرة تتضمن عبراً وأفكاراً عديدة، يتزايد بشكل مستمر التحصيل المعرفي لطفلك وتتوسع خبراته ومداركه. لا يمكننا النظر إلى ثقافة الطفل على أنها مجرد صورة أو صيغة مصغرة للثقافة العامة في المجتمع، وإنما هي منظومة ثقافية شاملة تتمتع بالتكامل والاستقلال، وهذا ما حاولنا توضيحه خلال هذا المقال، حيث شرحنا ثقافة الطفل من حيث المعنى والأهمية، إلى جانب مصادرها وطريقة تكونها، وكذلك مكوناتها ومضامينها ومن ثم أهميتها في تنشئة أطفالنا اجتماعياً وتربوياً